صورة واحدة

مصدر الصورة
" كانت تلتقط صورة لنفسة كل يوم على مدار 10 سنوات" هذا يعني أنها تملك 3652 صورة على فرض أنه لم يمر سوى سنتين كبيسة ,,, ربما لفت إنتباه البعض هذا الخبر و كل شخص حمل في نفسه سؤال. ما لفت إنتباهي في هذا الخبر هو الصور بحد ذاتها فقد جلست أكثر من ساعة و أتاملها ,,, كانت مرتبة بحسب الايام و لكن صورة الاحد تختلف بعض الشيء عن السبت السابق و الاثنين اللاحق رغم أنهم في نفس الاسبوع و الشهر - سبحانه الله كيف يختلف وجه الانسان من يوم إلى آخر- إن الطبيعة البشرية تتابع هذا التغير اليومي فقط في السنتين الاولتين من حياة الانسان بعد ذلك من عام إلى آخر و أخيرا نقارن بين الطفولة و الشباب و التقدم بالسن. 
 و على الرغم من أن الانسان يحمل كل يوم ملامح خاصة إلا أننا لا نذكر هذا الانسان إلا بملامح واحدة ,,, و صور أستطيع عدها على يداي.
 فعلى سبيل المثال لقد رأيت جدتي-رحمها الله- لمدة 17 عام على فرض أني لم أدركها جيدا في السنوات الخمس الأولى يبقى 12 عام و لكن لا أحمل لها في ذاكرتي سوى صورة ,,, تلك الصورة وحدها تسيطر على تفكيري حين أتذكرها و حتى حين تزورأحلامي لا أرى سوى تلك الصورة. لم يقتصر الامر على جدتي بل امتدت الظاهرة إلى كثير من الأشخاص ,,,البعض عالقون في ذاكرتي بهيئة أطفال رغم أنهم أصبحوا شبابا ,,, حتى عقلي احيانا لا يستوعب كيف أن الطفلة أصبحت أماً ,, أو أن ذلك الشاب أصبح يعاني من أمراض الشيخوخة ,,, فصورهم ف عالقة في ذاكرتي أطفالا أو شبابا ,,, إلا من أدركتهم كبار منذ البداية.
لم يقتصر الأمر على من حولي بل أمتد ليصيبني ,, فأنا أحمل لنفسي صوراً و أقارن نفسي بها كل يوم ,,, ليس في ذلك رفضاً و لا تهرباً من كسب سنوات ,,, و لكن تلك الصورة التي أحملها لنفسي و للآخرين هي الأثر الذي أحدثته في حياتي أو حاجتي لهم في حياتي و الدليل على ذلك هو ذاكرة الأم فهي تذكر طفولة أولادها أكثر من شبابهم و تستطيع أن تقص عليك قصصهم من أول ركلة بتفاصيل دقيقة لانها قادرة على حمايتهم من كل ضرر و رؤيتهم كلما احبت أما في الشباب لكل منهم حياته الخاصة و لا تستطيع حمايتهم.
من حين إلى آخر أرغب بسؤال من أعرفهم أي صورة عالقة في أذهانهم ,, و هل أحدثت تغيير أم تدمير في حياتهم؟ نعيش أعواما و نذكر بعضنا بصورة واحدة ,, صورة قادرة على الإجابة على ملايين من الأسئلة.

ملاحظة: تم نشر هذا المقال في جريدة الأيام  و مشروع قلم 




Comments

Popular posts from this blog

رحيل اضطراري

الخريف

همسات الإنتظار

شكراً لكونك أنت